الجمعة، 19 نوفمبر 2010

طفل برج السرطان

طفل برج السرطان
 
برج السرطان:

22 حزيران (يونيو) إلى 22 تموز (يوليو)

يبدو طفل برج السرطان منذ أسابيعه الأولى متقلب المزاج ينتقل من حالة لأخرى بالسرعة التي ينتقل بها من اليقظة إلى النوم ومن الجوع إلى الشبع . محور عالمه الصغير الطعام و الشراب و مختلف الصور الملونة التي تمر أمام عينيه فتتلقفها ذاكرته الحادة – حتى في تلك المرحلة المبكرة بغية الاحتفاظ بها إلى حين الحاجة . و ليست تلك الصور الحسية وحدها ما يحويه ذهنه , فهو يستوعب الكثير من المشاعر و الأحاسيس ثم يخرجها بعد فترة كاملة غير محورة كأنها الصور التي تخرج من قلب " كاميرا " دقيقة الصنع .

في صحبة هذا الطفل متعة حقيقية لما يرتسم على قسماته من تعابير متلاحقة تتأرجح بين الضحك و البكاء . من المؤكد أن حاجاته العاطفية أكثر منها عند الأطفال الذين في مثل سنه . و لأن الشعور بالغربة و العزلة يلازمه دوما , فنجده في حنين مستمر إلى عطف الآخرين و اهتمامهم به . غير خجله الفطري يحول دون البوح بما يعتمل في نفسه , و لذلك يبقى من واجب ذويه أن يدركوا تلك الحاجات , و أن يعملوا لقضائها بالوسائل الملائمة .

ثم إن هذا الطفل سريع الضحك و البكاء . إذا أطلق العنان لدموعه اندفعت كالسيل . تلك هي وسيلته لكسب العطف و الاهتمام . عندما ينجح في هذا المسعى ينقلب إلى مخلوق مرح بالغ السعادة , و عندما يفشل يصبح انطوائيا متجهم الوجه . مخاوفه الكثيرة معظمها وهمي من وحي خياله . إنه يخشى العتمة و النار و السيارات و الضجيج و غيره . على أهله أن يعالجوا فيه تلك الحالة السلبية , وأن يشاركوه فرحه و شقاءه و إلا فقد ثقته بهم و بنفسه و أصبح في المستقبل إنسانا عدائيا منزويا عن البشر . و بهذه المناسبة نقول أن هطول المطر يثير في هذا الطفل ردود فعل متباينة تختلف باختلاف ظروفه و حالاته النفسية , فأما أن يشعر نحوه بالخوف و القلق أو ينفعل منه بصورة إيجابية يعبر عنها بالرسم أو الشعر أو الموسيقى .

يبدو طفل برج السرطان إما نحيلا جدا أو سمينا جدا , و يتوقف ذلك على حالته النفسية و على مدى إقباله على الطعام الذي يعتبر إحدى نقاط ضعفه . في الدراسة يظهر ميلا خاصا إلى مادة التاريخ فيحفظ بسهولة عجيبة الأسماء و الحوادث و التواريخ . مواهبه الكثيرة تتجه نحو التصوير الفوتوغرافي و المسرح و الفنون بصورة عامة . يبدو منذ طفولته الأولى محبا للمال و الاقتصاد ولا يستبعد أن يكسب قروشه الأولى و هو طفل لم يتجاوز بضع سنوات من العمر و ذلك مقابل عمل يؤديه لأهله أو للجيران .

خياله الخصب يصور له أحيانا أنه طفل غير محبوب أو غير مرغوب فيه مما يقوده إلى أوضاع نفسية صعبة . إن إقناعه بعكس ذلك واجب محتم على والدته في الدرجة الأولى و خصوصا لأن تعلقه بها و اتكاله عليها في جميع المناسبات لا يتركان لغيرها مجال الاحتكاك به . على كل حال لا يسع أم هذا الطفل سوى التساؤل عن أفضل طريقة تربيه بها و إن كان ينفع معه اللين أم الحزم . بالإضافة إلى ارتباطه بوالدته يظهر هذا الطفل تعلقا بأخوته و أخواته يدوم حتى سن المراهقة . في تلك الفترة قد ينقلب إلى شاب ثائر معارض دون أن يكون هناك سبب مباشر لهذا التحول . أما قبل ذلك فهو طفل سهل القيادة على الرغم من تقلبات مزاجه و كثرة أوهامه .

من الأمور التي تلفت إليه الانتباه منذ الصغر حرصه على نقوده و أشياءه الخاصة و لعبه ذلك الحرص الذي يقوم على غريزة الأمومة و قدرته على اختلاق صديق أو أكثر وهمي يقضي معه أوقاته . و يتميز منذ الصغر أيضا بيد خضراء تحول التراب إلى رياض غناء . إنها إحدى الظواهر التي تستحق من أهله التشجيع .

هذا الطفل الضاحك الباكي يقدس بيته ولا يستطيع الافتراق عنه . فمهما غاب أو بعد نراه يعود مسرعا إلى حيث تنتظره اللقمة الطيبة و ذراعا أمه الحنون .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق